مسؤولية التربية
بقلم محمد أتم الإندونيسي
قال الله تعالى : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّيْنِ
حَنِيْفًا، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ
لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم، وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا
يَعْلَمُوْنَ" (الروم ٣٠)
قال ابن كثير : يقول تعالى : فسدد وجهك واستمر على الذي شرعه
الله لك، من الحنيفية ملة إبراهيم، الذي هداك الله لها ، وكملها لك غاية الكمال،
وأنت مع ذلك لازم فطرتك السليمة، التي فطر الله الخلق عليها، فإنه تعالى فطر خلقه
على معرفته وتوحيده، وأنه لا إله غيره، كما تقدم عند قوله تعالى : "وأشهدهم
على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى (الأعراف :١٧٢) ،
وفي الحديث : "إني
خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين عن دينهم" . وسنذكر في الأحاديث أن الله تعالى فطر خلقه على الإسلام، ثم طرأ على
بعضهم الأديان الفاسدة كاليهودية أو النصرانية أو المجوسية[1]
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو
ينصرانه أو يمجسانه. كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟ "
ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: "فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ
عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّم" [الروم ٣٠].
رواه البخاري[2]
قال الله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ
آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَارًا وَقُوْدُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ
عَلَيْهَا مَلئِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُوْنَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُوْنَ
مَا يُؤْمَرُوْنَ [التحريم : ٦]
قال ابن كثير : قال سفيان
الثوري ، عن منصور ، عن رجل ، عن علي رضي الله عنه ،
في قوله تعال : "قوا
أنفسكم وأهليكم نارا" يقول : أدبوهم ، علموهم. وقال
علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : "قوا
أنفسكم وأهليكم نارا" يقول : اعملوا بطاعة الله
، واتقوا معاصي الله ، ومروا أهليكم بالذكر ، ينجيكم الله من النار. وقال مجاهد :
"قوا
أنفسكم وأهليكم نارا" قال : اتقوا الله ، وأوصوا
أهليكم بتقوى الله. وقال قتادة : تأمرهم بطاعة الله ، وتنهاهم عن معصية الله ، وأن
تقوم عليهم بأمر الله ، وتأمرهم به وتساعدهم عليه ، فإذا رأيت لله معصية ، قذعتهم
عنها ، وزجرتهم عنها. وهكذا قال الضحاك ، ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من
قرابته ، وإمائه ، وعبيده ما فرض الله عليهم ، وما نهاهم الله عنه.
وفي معنى هذه الآية الحديث الذي رواه الإمام
أحمد ، وأبو داود ، والترمذي
، من حديث عبد الملك بن الربيع بن سبرة ، عن أبيه ،
عن جده ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
- : " مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها. هذا لفظ أبي داود ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن. وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده
، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك. قال الفقهاء : وهكذا في الصوم ; ليكون
ذلك تمرينا له على العبادة ، لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة ، والطاعة ، ومجانبة
المعصية ، وترك المنكر ، والله الموفق
[3].
قال أبو حامد الغزالي : اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم
الأمور وأوكدها ، والصبي أمانة عند والديه ، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية
عن كل نقش وصورة ، وهو قابل لكل ما نقش ، ومائل إلى كل ما يمال به إليه ، فإن عود
الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له
ومؤدب ، وإن عود الشر وأهمل إهمال البهائم شقي وهلك ، وكان الوزر في رقبة القيم
عليه ، وقد قال الله تعالى : "يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوا قُوا
أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيْكُمْ نَارًا" [التحريم : ٦][4]
قال محمد قطب : فإن كنا نريد إذن أن نربي أطفالنا تربية
إسلامية – وذلك هو المقتضى الطبيعي لكوننا مسلمين – فلا بد – بداهة – أن يكون
لدينا البيت المسلم، والشارع المسلم، والمدرسة المسلمة، والمجتمع المسلم، وإلا فلن
تكون الحصيلة في النهاية كما نريد. البيت كما قلنا هو المؤثر الأول، وهو أقوى
العوامل الأربعة جميعا، بحكم التصاق الطفل به، وقضائه أطول فترة من طفولته في
داخله، وبحكم أنه هو أول من يتسلم خامة الطفل ويؤثر في تشكيلها.[5]
عن عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلكم راع وكلكم مسئول عن
رعيته الإمام راع ومسئول عن رعيته والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته والمرأة
راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته
قال وحسبت أن قد قال والرجل راع في مال أبيه ومسئول عن رعيته وكلكم راع ومسئول عن
رعيته. رواه البخاري[6]
Tidak ada komentar:
Posting Komentar